صديقان في النفق المظلم – رحلة لا عودة منها

ArabStories
0

 





في قرية صغيرة تقع على أطراف الغابة السوداء، كان هناك نفق مهجور يهاب الناس الاقتراب

 منه. كانوا يقولون إنه طريق قديم بُني أثناء الحرب، لكنه انهار بعد أن فقد فيه عشرات العمال

 حياتهم. لم يجرؤ أحد على الدخول إليه منذ أكثر من خمسين سنة.

لكن "سامر" و"فارس"، وهما صديقان مهووسان بقصص الرعب والمغامرات الغامضة، قرّرا

 كسر القاعدة القديمة. أرادا أن يصوّرا مقطعًا يوثّق دخولهما إلى النفق، وينشراه على الإنترنت

 تحت عنوان “نفق الموت – تجربة حقيقية”.


في مساء بارد، حمل سامر كاميرته ومصباحه اليدوي، بينما أحضر فارس حقيبة صغيرة فيها

 بطاريات إضافية وزجاجة ماء. عندما اقتربا من فم النفق، أحسّا بهواء بارد يخرج منه كأنّ المكان

 يتنفس ببطء. كان الظلام في الداخل كثيفًا، أشبه ببحر أسود لا نهاية له.


قال فارس وهو يضحك بخفة:

ـ "هل أنت متأكد أننا سنخرج أحياء من هنا؟"

ضحك سامر وقال:

ـ "سنخرج بأفضل فيديو رعب في حياتنا!"


دخل الاثنان النفق بخطوات مترددة. صوت القطرات المتساقطة من السقف يختلط بصدى

 أنفاسهما. الجدران كانت مبللة، ورائحة العفن تملأ المكان. بعد دقائق من السير، لاحظا أن

 الإشارة في الهاتف اختفت، والحرارة بدأت تنخفض بشكل غير طبيعي.


فجأة، توقّف فارس وقال بصوت خافت:

ـ "هل سمعت هذا؟"

ـ "ماذا؟"

ـ "خطوات... خلفنا."


التفت سامر بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد. فقط ظلام كثيف يبتلع الضوء. أكمل السير محاولًا

 تجاهل شعوره بالقلق. لكن بعد لحظات، سمعا همسًا غريبًا قادمًا من الأعماق، كأنّ أحدًا ينادي

 باسميهما ببطء شديد:

"سااامر... فااارس..."


تجمّد الاثنان في مكانهما.

قال فارس مرتجفًا:

ـ "كيف يعرف اسمينا؟!"

حاول سامر تهدئته قائلاً:

ـ "ربما صدى صوتنا فقط... لا تخف."


لكن الخوف كان قد تسلّل فعلاً إلى قلوبهما. بدأ الضوء في المصباح يومض فجأة، ثم انطفأ

 لثوانٍ. وعندما عاد، رأيا شيئًا يتحرك في نهاية النفق — ظلّ طويل يزحف على الجدار وكأنه يبحث

 عن طريقه نحوهما.


ركضا بسرعة نحو الخارج، لكن الطريق بدا أطول مما كان. كلما تقدّما، شعر سامر أن الجدران

 تقترب منهما، كأن النفق نفسه يبتلعهما ببطء.

صرخ فارس:

ـ "لقد مررنا بهذا المكان من قبل! هذا هو نفس الجدار المكسور!"


بدأت علامات الذعر تظهر عليهما. كأنهما عالقان في حلقة لا تنتهي. فجأة، سمعا صوت ضحكة

 منخفضة تملأ الفراغ. كانت ضحكة بشرية لكنها مشوهة، كأن صاحبها يتألم في الوقت نفسه.

قال الصوت من الظلام:

ـ "أنتم أول من يدخل... ولن يخرج أحد."


ارتعش سامر وهو يوجه الكاميرا نحو مصدر الصوت، لكن ما التقطه كان أكثر رعبًا مما تخيّلا.

 ظهر وجه شاحب، بلا عينين، يزحف على الأرض ويمد يده الطويلة نحوهم.

صرخ فارس وسقط أرضًا، بينما حاول سامر سحبه. لكن الأرض نفسها بدأت تهتز تحت

 أقدامهما، وظهر شق في الجدار، خرجت منه يد سوداء تمسك بقدم فارس وتسحبه بقوة نحو

 الظلام.


صرخ فارس بأعلى صوته:

ـ "أنقذني يا سامر!"

حاول سامر أن يمسك به، لكن اليد سحبته بالكامل، واختفى صراخه في الأعماق.

بقي سامر مذهولًا، يلهث، والكاميرا تسقط من يده. بدأ الضوء يخفت شيئًا فشيئًا، إلى أن انطفأ

 تمامًا.

في تلك اللحظة، سمع همسات متعددة من حوله، عشرات الأصوات تتحدث بلغات غير

 مفهومة. شعر بأنفاس باردة على رقبته، فصرخ بألم، ثم... ساد الصمت.


بعد يومين، وجد رجال الشرطة الكاميرا عند مدخل النفق، تعمل بشكل غريب رغم انقطاع

 البطارية منذ زمن. عندما فتحوها، شاهدوا التسجيل. كانت اللحظات الأخيرة تُظهر وجه سامر

 بوضوح، وهو ينظر مباشرة إلى العدسة ويقول بصوت خافت:

ـ "النفق لا يريد أن نخرج..."


ثم ظهر ظلام دامس، وتحوّلت الصورة إلى شاشة سوداء، يُسمع فيها صدى ضحكة بعيدة.


منذ ذلك اليوم، أُغلق مدخل النفق بالخرسانة. ومع ذلك، يقول بعض سكان القرية إنهم ما زالوا

 يسمعون عند حلول الليل صوت شابين يناديان من الداخل...

"ساعدونا... لا يوجد طريق للخروج..."


قصة “صديقان في النفق المظلم” ليست مجرد حكاية رعب، بل تذكير بأن بعض الأماكن ليست

 للزيارة، وأن الفضول قد يقودنا إلى ما لا يمكن الرجوع منه.

في عالم قصص الرعب، ليس كل ما يُروى خيالًا، فربما تكون تلك الأصوات التي تسمعها في

 الظلام... ليست مجرد أوهام.


إرسال تعليق

0 تعليقات
إرسال تعليق (0)