كانت الساعة تقترب من منتصف الليل عندما توقّف المصعد مرة أخرى في ذلك المبنى القديم
الذي يعرفه الجميع باسم "برج النورس". ورغم أنّه مبنى عادي من الخارج، إلا أنّ السكان كانوا
يهمسون دائمًا بشائعات غريبة عن مصعد يظهر له طابق غير موجود كلما تجاوزت الساعة
الثانية عشرة ليلًا. البعض كان يسميه الطابق الملعون، والبعض الآخر كان يتحدث عن
أشخاص اختفوا بعد الصعود إليه ولم يعودوا أبدًا.
لكن بالنسبة لـ"آدم"، فقد كان كل هذا مجرد خرافات… حتى تلك الليلة.
1. بداية الرعب
انتقل آدم إلى المبنى قبل أسابيع فقط، وكان يعمل مهندس برمجيات، يعيش حياته بشكل
هادئ دون اهتمام بالخرافات. وفي تلك الليلة، كان عائدًا من عمله مرهقًا، وجهه شاحب من
السهر، وكتفاه مثقلتان من ساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر.
دخل آدم من الباب الرئيسي، كان الهدوء خانقًا بشكل غير طبيعي. عادةً، كان يسمع صوت
التلفاز من شقة الجار العجوز أو خطوات أحد السكان… لكن الآن، المبنى كله صامت كقبر.
ضغط على زر المصعد. انفتح الباب ببطء، كما لو أنه يتحرك ضد إرادته.
لم يهتم آدم، ودخل وهو يفك أزرار قميصه الضيق. ضغط زر الطابق السادس، حيث شقته
الجديدة.
لكن قبل أن يُغلق الباب بالكامل، صدر صوت خافت… كأنه همسة.
همسة جاءت من داخل المصعد نفسه.
تجمّد جسده للحظة، ثم هز رأسه معتقدًا أنها مجرد هلوسة أو ربما صوت آتي من الكابلات.
لكن عندما نزل المصعد قليلًا ثم توقف فجأة، أدرك أن هناك شيئًا غريبًا يحدث.
ظهرت إضاءة حمراء باهتة، ثم اهتزت لوحة الأرقام… ثم ظهر رقم "7".
المشكلة؟
المبنى لا يحتوي سوى على ستة طوابق.
ضغط آدم عدة مرات على زر "إغلاق الباب"، لكن المصعد تحرك من تلقاء نفسه، وصعد…
وصعد… وصعد، رغم أنه لا يوجد أي طابق فوق السادس.
ازداد قلبه خفقانًا. حاول أن يتنفس ببطء، لكن المصعد يتصاعد كما لو أنه انفصل عن الواقع.
ثم توقف.
فتح الباب.
لكن ما رآه لم يكن طابقًا… بل ممرًا طويلًا مظلمًا لا توجد فيه أي إضاءة سوى ضوء أحمر في
نهايته، يشبه ضوء إنذار يعمل في صحراء خالية.
2. الطابق الذي لا وجود له
تردّد آدم، لكنه تقدّم بخطوات بطيئة. كل شيء في ذلك "المكان" كان يبعث على الرعب:
– الهواء بارد لدرجة قاسية
– الجدران مغطاة بطبقة سوداء تشبه العفن
– الأرضية كانت رطبة
– والممر كان أطول مما يسمح به تصميم المبنى أساسًا
وبينما كان يمشي، لاحظ شيئًا غريبًا…
كلما تقدّم خطوة، بدأ يسمع صوت خطوات خلفه.
التفت بسرعة، لكن المصعد كان خلفه مباشرة… ودون أي شخص آخر.
عاد يمشي، لكن الخطوات عادت… هذه المرة أقرب.
جسده ارتجف، والعرق بدأ ينزف من جبينه.
قال بصوت مبحوح:
– من هناك؟
لا رد.
لكن الخطوات توقفت.
اقترب من الجدار، ولاحظ شيئًا مكتوبًا بخط متقطع، كأنه حُفر بالأصابع:
"لا تصعد."
كانت الكلمة تبدو حديثة. الطين حولها كان رطبًا.
تابع سيره وهو يحاول تجاهل الارتجاف الذي يسري في جسده.
بعد دقائق – أو هكذا ظن – رأى بابًا أسود على اليمين. لم يكن بابًا عاديًا، بل كان من الحديد
السميك، وعليه قفل صدئ وكأنه لم يُفتح منذ عقود.
على الباب، كانت هناك لوحة صغيرة مكتوب عليها:
"غرفة التحكم – ممنوع الدخول."
لكن الباب… كان مفتوحًا قليلًا.
دفعه آدم ببطء. سمع صريرًا حادًا جعل قلبه يقفز.
في الداخل، كان توجد غرفة مليئة بشاشات مراقبة قديمة. كل شاشة تعرض زاوية من زوايا
المبنى… لكن الغريب؟
كلها كانت تُظهر ممرًا واحدًا… نفس الممر الذي يقف فيه آدم الآن.
3. الظهور الأول
بينما كان يحدّق في الشاشات، ظهر على إحداها ظل بشري. لم يكن يمشي، بل كان يقف بلا
حركة، في نفس موقع المصعد تقريبًا.
قال آدم لنفسه:
– مجرد انعكاس… مجرد خلل…
لكن الظل تحرك.
تحرّك بخطوات بطيئة… نحو الكاميرا.
ثم رفع رأسه.
آدم اتسعت عيناه.
كان الوجه غامقًا بالكامل… سوى العينين.
عينان بيضاوان بالكامل… دون قزحية… دون رمش… كأنهما لمخلوق خرج من ظلام تحت الأرض.
وفجأة…
التفت الكائن في الشاشة جهة آدم، رغم أن الكاميرا ليست في الغرفة.
وكأنه يراه مباشرة.
انقطعت كل الشاشات دفعة واحدة.
عمّ الظلام.
وخُتم وأدرك آدم أن الطريق الوحيد كان العودة إلى المصعد، لكنه أصبح يشعر بأن شيئًا ما
ينتظره هناك.
4. العودة المستحيلة
خرج آدم من الغرفة، والممر أصبح أكثر ظلمة بكثير من قبل.
الضوء الأحمر في نهايته كان ينس pulsates like a heartbeat.
سمع صوت تنفّس خلفه.
تنفّس ثقيل… عميق… قريب جدًا.
لم يجرؤ على الالتفات.
بدأ يجري نحو المصعد، لكن الخطوات خلفه تحولت إلى ركض سريع، كأن شيئًا يطارد فريسة.
وصل إلى المصعد وضغط الزر بجنون.
ثوانٍ مرعبة مرت كدهر كامل.
انفتح الباب.
دخل بسرعة.
ضغط زر الطابق السادس… الخامس… الرابع… أي شيء!
المصعد أغلق بابه ببطء شديد كأنه يعاند.
وفي آخر لحظة…
ظهر وجه أبيض بالكامل في الشق بين البابين، ينظر إليه بعينين مظلمتين فارغتين.
صرخ آدم بأعلى صوته.
أغلق الباب بسرعة… وانطلق المصعد إلى الأسفل.
لكن بدلاً من الأرقام المعتادة، ظهر رقم غريب:
"–1"
ثم "–2"
ثم "–3"
المصعد لا ينزل في المبنى… بل ينزل في شيء آخر.
5. القبو الذي لم يُبْنَ
فتح المصعد بابه، ووجد آدم نفسه في طابق لا يمكن أن يكون تابعًا للبناء.
كان أشبه بغرفة مستشفى مهجورة:
– أسِرّة صَدِئة
– ستائر ممزقة
– أضواء خافتة ترمش
– ورائحة قاتلة تشبه خليطًا من العفن والدم
وفي منتصف الغرفة…
كان هناك كرسي معدني مثبت على الأرض، وعلى مسنده دلائل على أنه كان يُستخدم للتقييد.
سُمعت همسة:
– عدتَ أخيرًا…
التفت آدم في كل الاتجاهات، لكن لا أحد كان موجودًا.
الهمس أتى من كل مكان… ومن لا مكان.
ثم ظهر الكائن نفسه.
لم يكن بخطوات عادية… بل تحرك بطريقة ملتوية، كأن عظامه تنكسر مع كل خطوة.
تجمد آدم.
قال الكائن:
– أنت الآن تنتمي لهذا المكان… مثل الذين صعدوا قبلك.
6. الحقيقة القاتلة
فجأة ظهرت صور على الجدار… صور لأشخاص مفقودين من المبنى.
وجوه مذعورة… أعين فارغة… وكأنهم رأوا كابوسًا لا يمكن الهرب منه.
في أسفل كل صورة كان مكتوب: "صعد إلى الطابق 7"
صرخ آدم وحاول العودة للمصعد، لكن الباب أغلق قبل أن يصل إليه… وكأن المكان لا يريد أن
يسمح له بالهرب.
انطفأت الأنوار.
وبقي الكائن وحده… يقترب… ويقترب… ويقترب.
ثم ساد الصمت.
7. النهاية التي لم تُكتب
في صباح اليوم التالي، دخل حارس المبنى إلى عمله كالمعتاد، ولاحظ أن مصعد اليمين عالق بين
الطابقين الخامس والسادس.
فتح الباب يدويًا، لكنه صُدم عندما وجد المصعد فارغًا… ومع ذلك، أرضيته كانت مبللة بآثار أقدام
آدم.
لكن الشيء الأكثر رعبًا…
أن لوحة المصعد أظهرت رقمًا جديدًا لأول مرة:
"7"
ومنذ ذلك اليوم، ومع حلول منتصف الليل، يظهر هذا الطابق دائمًا.
وأي شخص يجرؤ على الصعود… لا يعود.

.png)
