الرجل الذي استيقظ ليجد نفسه في حياة ليست حياته!

ArabStories
0

 






لم يكن "مروان" يتوقع أبداً أن يستيقظ في صباحٍ يظن أنه عادي، ليجد نفسه يعيش حياة ليست

حياته… حرفيًا.


استيقظ على صوت منبّه غريب، يرنّ بنغمة لم يسمعها من قبل. فتح عينيه ببطء، فوجد سقفًا

لا يعرفه، وجدرانًا مطلية باللون الأزرق الداكن مع لوحات لم يرها يومًا معلقة بطريقة منظمة.

جلس على السرير بسرعة، وكأن قلبه يخبره أن شيئًا ما خطأ… خطأ جدًا.


نظر حوله، فرأى غرفة واسعة، سريرًا أكبر من سريره المعتاد، خزانة حديثة، وستائر أنيقة تنسدل

على نافذة كبيرة تطل على مدينة مزدحمة تمتد أبنيتها نحو السماء. لم يتعرف على المكان

إطلاقًا.


همس لنفسه مرعوبًا:

"فين أنا؟"


حاول أن يلتقط أنفاسه، ثم نزل من السرير، فوجد على طاولة جانبية ساعة يد فاخرة، وهاتفًا

جديدًا من نوع لم يُطرح بعد في الأسواق. أمسك الهاتف، ليُفاجأ بأن البصمة تتعرف عليه فورًا!


هنا بدأ الخوف الحقيقي.


فتح الهاتف ليجد خلفية شاشة لرجل يشبهه… لكنه لم يكن هو. نسخة أكبر سنًا، بملامح أكثر

حدة، ولحية أنيقة، وعينين تبدوان أكثر خبرة وقوة. نفس الوجه تقريبًا، لكنه ليس نفس "مروان"

الذي يعرفه.


فتح قائمة الصور، فوجد مئات الصور له في أماكن لم يزرها، وبين أشخاص لا يعرفهم، في

حفلات فاخرة، اجتماعات رسمية، وحتى في مطار يحمل حقيبة أعمال باهظة الثمن. كانت كل

صورة تبدو واقعية لدرجة مخيفة.


سأل نفسه مرعوبًا:

"كيف…؟ متى صورت هاد الشي؟!"


أخذ هاتفه وفتح صفحة "حول الهاتف".

وجد اسمه: مروان عبد الحق.

نفس الاسم… لكن هناك شيء آخر:

العمر: 42 سنة.


بينما هو في الحقيقة… 27 سنة فقط!


■ ■ ■


خرج من الغرفة ببطء، وكأنه يخشى أن يواجه شيئًا أكثر غرابة. وجد منزلًا فخمًا بتصميم مودرن،

أثاثًا لا يمكنه تحمل ثمنه حتى في أحلامه. دخل إلى المطبخ، فوجد امرأة تقف هناك، ترتدي

ملابس أنيقة وتحضّر القهوة.


التفتت إليه بابتسامة جميلة وقالت:

"صباح الخير حبيبي… نمت مزيان البارح؟"


تجمّد مروان في مكانه.

هذه المرأة… جميلة، أنيقة، تبدو كزوجة مثالية من عالم آخر.


اقتربت منه وقالت بابتسامة دافئة:

"مالَك؟ وجهك صافي مبدل اليوم."


تلعثم قليلًا:

"آه… غير… تعبان شويّا."


قبلته على خده وقالت:

"غادي نوجد ليك الفطور… عندك اجتماع مهم فالـ10. ما تنساش."


اجتماع؟

زوجة؟

منزل فخم؟

42 سنة؟


كل هذا كان فوق قدرته على الاستيعاب.


■ ■ ■


ذهب إلى الحمام، فتح الماء على وجهه بقوة. نظر في المرآة، فانقبض قلبه. كان يرى وجهه

فعلاً… لكنه أكبر بـ 15 سنة!


"لا لا… هادشي مستحيل… واش كنحلم؟"


لكنه لم يكن يحلم.


بدأ يستكشف المنزل، فوجد جواز سفره على المكتب. نفس الاسم… لكن المهنة مختلفة:

رجل أعمال – مستشار استثماري عالمي.


بينما هو في حياته الأصلية… مجرد موظف بسيط في شركة تسويق.


وجد أيضاً مفاتيح سيارة. خرج إلى المرآب فوجد سيارة فارهة سوداء من نوع لا يقدر عليها حتى

الأغنياء.


وقف أمامها مذهولًا.

"هاد شي ديال شي فيلم…!"


■ ■ ■


ركب السيارة، وهو لا يزال غير قادر على السيطرة على توتره. بمجرد تشغيلها، ظهرت على

الشاشة رسالة:


"مرحبًا مروان… لديك 5 رسائل جديدة من مدير مشاريعك."


"مدير مشاريعي؟ أنا أصلاً ما عنديش حتى مشروع!"


بدأ يقرأ الرسائل، فوجد كلامًا معقدًا عن استثمارات، عقود، اجتماعات دولية، وشركات عالمية.


كان يعيش حياة كاملة…

لكنها ليست حياته.


■ ■ ■


قرر أن يخرج إلى الشارع. كان الناس ينظرون إليه باحترام. البعض يلوح له. بعضهم يناديه

باسمه:

"صباح الخير أستاذ مروان!"

"نهار موفق سي مروان!"


وهنا بدأ يشعر بشيء أخطر:

كل العالم يعرف هذا "المروان" الجديد…

وهو وحده الذي لا يعرف شيئًا عنه.


وقف على الرصيف، أخذ نفسًا عميقًا، وقال في نفسه:

"لازم نلقا شي تفسير… ولا على الأقل شي واحد يجاوبني…"


■ ■ ■


عاد إلى المنزل ليواجه المرأة التي قالت إنها زوجته. جلس أمامها وقال بصوت خافت:

"غادي نسولك واحد السؤال… ويمكن يبان غريب…"


نظرت إليه باهتمام:

"تفضل."


"شحال ديال السنين دابا وإحنا مزوّجين؟"


ضحكت وقالت:

"واش نسيت؟ دابا 12 عام!"


12 سنة؟

مستحيل… في حياته الأصلية هو غير مرتبط أصلاً.


"والوليدات…؟"


قالت دون تردد:

"عندنا ياسين وسارة… في المدرسة دابا."


شعر بدوار قوي.

أطفال؟

عائلة؟

حياة كاملة؟


لكن لا شيء منها يخصه فعليًا.


■ ■ ■


في الليل، جلس وحده في المكتب، يقلب الملفات والصور وكل شيء يخص هذا "النسخة

الأخرى" من نفسه. كلما بحث أكثر، ازداد يقينه بأن هناك شيئًا خارقًا، شيئًا غير طبيعي.


وفجأة… وجد دفترًا صغيرًا مخبأ جيدًا داخل درج المكتب.

فتحه.


كانت الصفحة الأولى مكتوب فيها بخط واضح:


"إلى مروان الحقيقي…

إن وصلت إلى هنا، فاعلم أنك الآن في حياة ليست لك.

لكن هذه ليست مصادفة… بل فرصة."


اختنق صوته من الصدمة.

أكمل القراءة:


"أنت الآن في حياة 'نسختك' الأخرى. نسخة منك اختارت طريقًا مختلفًا، عملت بجد، لم تستسلم،

وحققت نجاحًا واسعًا. لا تخف… لن يلاحظ أحد أنك لست هو.

كل ما عليك فعله هو أن تقرر…

هل تريد أن تعيش هذه الحياة؟

أم تريد العودة لحياتك الأصلية؟

الفرصة لا تتكرر."


على الصفحة التالية كان هناك تاريخ…

تاريخ اليوم بالضبط.


وفي آخر الصفحة:

"اتخذ قرارك قبل منتصف الليل…"


■ ■ ■


جلس مروان وهو يكاد لا يتنفس.

هل فعلاً هذا حقيقي؟

هل هو بشكل ما انتقل إلى حياة بديلة؟

هل هذا حلم؟

أم اختبار؟

أم مجرد جنون؟


نظر إلى الساعة.

11:12 مساءً.


ظل جالسًا، يفكر في كل شيء.

في حياته الأصلية البسيطة…

في هذه الحياة المليئة بالمال والنجاح…

في زوجة محبة…

وأطفال لا يعرفهم لكنهم ينادونه "أبي".


كان القرار أصعب مما تخيل.


هل يعود لحياته التي يعرفها؟

أم يعيش حياة ليست له… لكنها أجمل بكل المقاييس؟


نظر إلى المرآة التي أمامه.

رأى الرجل الذي أصبحه… أو الذي أصبح مكانه.

وقال لنفسه:


"يمكن… هذا القدر أعطاني فرصة ثانية…

يمكن لازم نعيش… كيف ما كان."


أغمض عينيه…

واتخذ القرار.


■ ■ ■


في صباح اليوم التالي، استيقظت الزوجة وهي تنادي عليه.

"مروان! الفطور واجد!"


فتح عينيه ببطء…

ونظر حوله.


الغرفة…

السرير…

المنزل…

كل شيء كان نفسه.


ابتسم لنفسه.

لقد اختار.


لكن السؤال الذي سيظل بلا جواب هو:

هل كان ما حدث حقيقة؟

أم حلمًا؟

أم انتقالًا بين عوالم؟

أم رسالة من القدر؟


لا أحد يعرف.

ولا حتى هو.


لكن ما يعرفه جيدًا…

أنه استيقظ في حياة ليست حياته…

واختار أن يجعلها حياته الجديدة.


إرسال تعليق

0 تعليقات
إرسال تعليق (0)