المرأة التي ظهرت في كاميرا المراقبة… رغم أن المنزل مهجور منذ 15 سنة

ArabStories
0

 






كان الليل يهبط ببطء على أطراف القرية الصغيرة، ومعه بدأ الضباب ينساب على الطرق

الترابية كما لو كان يخرج من جوف الأرض. على التلة المقابلة، وقف “المنزل المهجور” الذي

يعرفه جميع سكان القرية… جدرانه السوداء، نوافذه المحطمة، وبابه الذي لا يُفتح مطلقاً.

لقد تُرك المنزل على حاله منذ خمس عشرة سنة، منذ الليلة التي اختفت فيها عائلة “آل سُليم”

بلا أثر.


لا أحد كان يجرؤ على الاقتراب منه، ولا أحد كان يريد معرفة ما حدث في الداخل… إلا “سامر”،

شاب يعمل في مجال أمن الشركات ويعشق كاميرات المراقبة، والتحقيقات الغامضة، وكل ما

يتعلق بالقصص المرعبة التي يجدها على الإنترنت.


في إحدى الليالي، التقى سامر بصديقه خالد الذي قال له جملة أشعلت فضوله بالكامل:

— "سمعت أنهم سيهدمون المنزل المهجور قريباً… لكن قبل الهدم وضعوا كاميرات مراقبة

حوله. يبدو أن المجلس البلدي يريد التأكد من عدم دخول أطفال أو مراهقين إليه."


رفع سامر حاجبيه:

— “كاميرات مراقبة؟ في ذاك المكان؟ يا رجل هذا قد يكشف أشياء لم يتوقعها أحد…”


ابتسم خالد بسخرية:

— “أتقصد الأشباح؟”


— “لا أعلم… لكن بيوتاً مثل هذا تخفي قصصاً.”


لم يمر سوى يومين حتى حصل سامر على ما أراد. فبفضل عمله استطاع الوصول إلى بث

مباشر لإحدى الكاميرات المثبتة مقابل باب المنزل مباشرة.


أطلق بثّها على شاشة كبيرة في غرفته، ثم جلس وحده في الظلام، يراقب… يحدّق… وينتظر.

مرّت الساعات الأولى بلا شيء سوى الرياح التي تضرب الأعشاب الجافة.

لكن في تمام الواحدة وسبع دقائق ليلاً… حدث شيء لم يستطع تفسيره.


في البداية ظهر ظل طويل يمتد فوق باب المنزل.

ظنّ سامر أن الأمر مجرد غصن يتحرك مع الهواء. لكن الظل بدأ يتشكل… يكتسب هيئة… حتى

أصبح يشبه جسد امرأة.


لم تكن الصورة واضحة، فقد كان الضوء خافتاً، لكن يمكن تمييز شكل الشعر المنسدل،

والذراعين المتدليتين بجانب الجسد، والهدوء المرعب الذي يحيط بالمشهد.


اقتربت المرأة من الباب المغلق… ووقفت أمامه دون أن تتحرك لمدة دقيقة كاملة.


شعر سامر بقشعريرة تسري عبر ظهره.

— "من هي؟ وكيف وصلت إلى الباب؟ ولماذا تقف هكذا؟"


مدّت المرأة يدها إلى الباب…

لكن ما حدث لاحقاً لم تكن كاميرا مراقبة عادية قادرة على التقاطه في الظروف الطبيعية:


المرأة مرت عبر الباب كما لو كان مجرد دخان.

لم تفتحه… لم تدفعه… فقط اختفت داخله.


ارتفعت ضربات قلب سامر بشكل غير مسبوق.

أعاد المقطع عدة مرات.

تحقق من الإطارات.

فحص التوقيت.

قارن اللقطات.


لكن النتيجة كانت واحدة:

امرأة ظهرت في المكان ودخلت المنزل المغلق بطريقة لا تخضع لقوانين الطبيعة.


حاول سامر الاتصال بخالد، لكنه كان نائماً.

لم يستطع النوم تلك الليلة.

استمر في مراقبة البث المباشر حتى الصباح… لكن المرأة لم تظهر مجدداً.



اليوم الثاني – الظهور الثاني

في الليلة التالية جلس سامر أمام الشاشة كمن يستعد لمعركة.

الساعة 1:00… 1:05… 1:07…


وفي اللحظة نفسها من الليلة السابقة… جاءت.


لكن هذه المرة لم تقف عند الباب.

بل ظهرت مباشرة داخل المنزل.


كانت الكاميرا الداخلية مظلمة، لكن فلتر الأشعة الخافتة جعل ملامحها تظهر بشكل مرعب:

وجه شاحب، عينان غائرتان، شعر طويل متشابك، وثوب ممزق كأنها خرجت من تحت التراب.


كانت تتحرك ببطء شديد… وكأن أقدامها لا تلامس الأرض.


اقتربت من الكاميرا…

اقتربت أكثر…

حتى امتلأت الشاشة بوجهها البارد الخالي من الحياة.


وفجأة… توقفت الكاميرا.


ظن سامر أن هناك عطلاً، لكن حين عاد البث… وجد صورة جديدة:

كانت المرأة تنظر مباشرة إلى الكاميرا كما لو أنها تعرف أن سامر يشاهدها.


شعر برجفة في كامل جسده.

هل كان ذلك مجرد وهم بصري؟

أم أن “شيئاً” في المنزل شعر بوجوده عبر الشاشة؟



اليوم الثالث – محاولة التفسير

ذهب سامر في الصباح إلى أرشيف البلدية لمعرفة تاريخ المنزل.

وجد ملفاً قديماً مغبراً بعنوان:

"حادثة اختفاء عائلة آل سُليم – 2010"


كان يحتوي على معلومات صادمة:


العائلة اختفت داخل المنزل.


لم يجدوا أي أثر للجثث.


آخر من شوهد كانت الأم وهي تتجول ليلاً في المنزل قبل الصراخ الأخير الذي سمعه الجيران.


الجيران قالوا إن الأم كانت في آخر أيامها تتحدث عن "امرأة تظهر في المرآة" و"صوت يناديها من

الجدران".


بدأت صورة ما تتشكل داخل عقل سامر…

هل المرأة التي ظهرت في كاميرا المراقبة…

هي الأم؟


لكن كيف بقيت في المنزل طوال 15 سنة؟

وكيف تتحرك بهذا الشكل غير البشري؟



اليوم الرابع – المواجهة

في الليلة التالية، لم يكتف سامر بالنظر من بعيد.

قرر الذهاب إلى المنزل بنفسه.


كانت الرياح قوية، والليل حالك السواد.

حين وصل إلى المكان، ووقف أمام المنزل، شعر بأن الهواء أصبح أثقل… وكأن شيئاً غير مرئي

يراقبه.


فتح هاتفه وبدأ بث الكاميرا المباشرة وهو يقف أمام المنزل من الخارج.

وللمرة الأولى… شاهد نفسه على الشاشة خلف المرأة.


كانت تقف عند الباب…

ثم التفتت نحوه ببطء شديد.


تراجع سامر خطوة إلى الخلف وهو يشعر أن ركبتيه سوف تخونانه.

كانت المرأة في الشاشة أقرب مما هي في الواقع…

وكأن الكاميرا ترى ما لا يراه هو بعينيه.


ومع كل خطوة يتراجعها… كانت تقترب هي.


لم يستطع الصراخ.

كل ما استطاع فعله هو الجري إلى سيارته بأسرع ما يمكن.

لكن قبل أن يغلق الباب، سمع صوتاً هامساً خلفه:


— "لا ترحل… أنا هنا منذ 15 سنة… وأحتاج أحداً يخرجني."


أدار رأسه بسرعة…

لم يكن هناك أحد.

لكن هاتفه كان يهتز بإشعار من الكاميرا.


لقطة جديدة…

المرأة تقف بجانب السيارة، تنظر مباشرة إلى العدسة، وفمها مفتوح بطريقة غير طبيعية.


هرب سامر من المكان مسرعاً، وعاد إلى بيته وهو يرتجف بالكامل.



اليوم الخامس – النهاية

توقف سامر عن تشغيل البث لبضعة أيام.

لكنه لاحظ شيئاً مريباً:


الجهاز كان يفتح من تلقاء نفسه على الكاميرا.

والمرأة كانت تظهر…

وتقترب…

وكل ليلة تصبح صورتها أوضح.


حتى جاء اليوم الأخير…

الذي اختفت فيه الكاميرات بالكامل.


صفحة البث أصبحت سوداء، وعليها رسالة واحدة:

"المستخدم يشاهد الآن من داخل المنزل."


والأغرب…

أن جهاز سامر سُجّل دخوله من “عنوان IP” يعود إلى المنزل المهجور… رغم أنه لم يذهب هناك

منذ هروبه.


وفي الليلة ذاتها… اختفى سامر.


وعندما فتحت الشرطة ملف الكاميرات، وجدت آخر لقطة:

امرأة شاحبة تمسك بكتف رجل يسير داخل المنزل كأنه دون وعي…

والرجل كان سامر.


ومنذ ذلك اليوم، لم يجرؤ أحد على هدم المنزل.

فالمرأة… لم تكن تنتظر عائلة آل سُليم فقط…

بل تنتظر أي شخص ينظر إليها من خلال كاميرا المراقبة.


إرسال تعليق

0 تعليقات
إرسال تعليق (0)