هارون… الوزير الأمين لموسى وقصة العجل

ArabStories
0

 





قصة هارون عليه السلام من أعظم قصص الأنبياء التي ورد ذكرها في القرآن الكريم. كان نبي

الله هارون الأخ الأكبر للنبي موسى عليه السلام، وقد جعله الله شريكًا لموسى في الرسالة

ووزيرًا وسندًا قويًا له، وقد حمل رسالة الدعوة إلى توحيد الله وسط قوم عنيدين من بني

إسرائيل. قصة هارون تحمل الدروس والعبر لكل مؤمن، فهي قصة الصبر، والثبات على الحق،

ومواجهة الفتن، وخاصة فتنة العجل الذهبي التي صنعها السامري أثناء غياب موسى عند جبل

الطور. في هذا المقال سنتعرف بالتفصيل على حياة نبي الله هارون، رسالته، علاقته بموسى

عليهما السلام، وكيف تعامل مع قومه عندما وقعوا في الشرك.



✦ من هو هارون عليه السلام؟

هارون عليه السلام هو نبي من أنبياء الله، أُرسِل إلى بني إسرائيل مع أخيه موسى عليه السلام.

جاء ذكر اسمه في العديد من المواضع في القرآن، وامتاز بلغة فصيحة ولسان طليق، كما قال

الله تعالى على لسان موسى:


{وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا}

— (سورة القصص: 34)


وقد أُعطي هارون مقام النبوة، وجُعِل وزيرًا لموسى، يعينه ويسانده في الدعوة. قال الله تعالى:


{وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي}

— (طه: 29-30)



✦ مكانة هارون عند موسى

كان موسى يعتمد عليه في كل شيء: في تبليغ الرسالة، وفي مواجهة فرعون، وفي إصلاح بني

إسرائيل بعد خروجهم من مصر. كان هارون شخصًا حليمًا، صبورًا، حكيمًا، واسع الصدر، ولذلك

اختاره الله ليكون شريكًا لموسى في الدعوة.



✦ بداية الدعوة.. من قصر فرعون إلى طريق النبوة

بدأت القصة عندما أمر الله موسى أن يذهب لفرعون ويدعوه إلى عبادة الله، إلا أن موسى كان

يخشى المواجهة، وطلب من الله المعونة وأن يجعل معه هارون.


فاستجاب الله له، وقال:


{قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى}

— (طه: 36)


وبذلك أصبح موسى وهارون فريقًا واحدًا في الدعوة، يجمعهما هدف واحد: إنقاذ بني إسرائيل

من عبادة فرعون ومن الشرك.



✦ معجزات موسى وهارون أمام فرعون

وقف موسى وهارون أمام فرعون، أقوى طاغية على وجه الأرض آنذاك، وقالا له كلمات الحق:


{إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ} — (طه: 47)


لكن فرعون كذّب واستكبر، فكانت الآيات والمعجزات:

– العصا تتحول إلى serpent

– يد موسى تخرج بيضاء

– الطوفان والجراد والقمل والدم


ومع كل آية، كان فرعون يتكبر، ولكن الجدل كان يقوم غالبًا على لسان هارون الفصيح البلاغي.



✦ الخروج من مصر.. معجزة شق البحر

أوحى الله لموسى وهارون أن يخرجوا بني إسرائيل ليلًا. فلاحقهم فرعون بجيشه العظيم، حتى

وصلوا إلى البحر.


عندها حدثت المعجزة العظمى:


{فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}

— (الشعراء: 63)


وخرج موسى وهارون وقومهما، وهلك فرعون وقومه غرقًا.



✦ فتنة السامري وعبادة العجل

(القصة التي تُظهر حكمة هارون وصبره)


بعد النجاة، وعد الله موسى أن يصعد إلى جبل الطور ليتلقى الألواح. قبل مغادرته قال لموسى:


{وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ}

— (الأعراف: 142)


أي أصبح هارون خليفة موسى على بني إسرائيل، ومسؤولًا عن إصلاحهم.


لكن فجأة حدثت الفتنة الكبرى…



✦ ماذا فعل السامري؟

جمع السامري حُليّ القوم وصنع منها عِجلاً من الذهب له صوت، ثم قال لهم:


هذا إلهكم وإله موسى


تخيّل! بعد رؤية البحر ينشق، ونجاتهم من فرعون، يعودون لعبادة عجل!



✦ موقف هارون عليه السلام


لم يسكت هارون، بل وقف بينهم خطيبًا:


{يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ}

— (طه: 90)


حذّرهم، ونصحهم، وأمرهم بالتوقف، لكنهم عصوه وقالوا:


{لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ}

— (طه: 91)


وكان هارون يخشى إن استعمل القوة أن يحدث بينهم قتال، فقال دفاعًا عن نفسه لاحقًا:


{إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}

— (طه: 94)



✦ عودة موسى وغضبه على هارون

عندما عاد موسى ورأى قومه يعبدون العجل، غضب غضبًا شديدًا، ورمى الألواح، وأخذ برأس

أخيه:


{يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي}

— (طه: 94)


فدافع هارون عن نفسه، وأخبره أنه حاول الإصلاح ولم يشأ أن يشق صفهم.


هنا أدرك موسى براءة هارون، ودعا له بالمغفرة.


✦ صفات هارون عليه السلام

💠 فصيح اللسان

كان أفصح من موسى في الخطابة والإقناع.


💠 حليم وصبور

تحمل عناد قومه، ولم يستخدم العنف إلا لحماية الوحدة.


💠 ناصح أمين

لم يخُن الرسالة، وجاهد في نصحهم حتى النهاية.


💠 قائد حكيم

كان قوي الشخصية، متزنًا، يحكم بالعقل قبل القوة.



✦ وفاة هارون عليه السلام

توفي هارون قبل موسى عليه السلام. حزن موسى عليه حزنًا شديدًا، وبكى عليه قومه. كان

محبوبًا بينهم لما كان فيه من لطف ورحمة.


✅ الدروس والعبر من قصة هارون عليه السلام

الدرس المستفاد كيف يظهر في القصة؟

الصبر على قوم عنيدين    صبر على بني إسرائيل رغم استهزائهم وخرقهم لأوامره

الثبات على الحق    واجه الشرك وحده أثناء غياب موسى

الحكمة في القيادة    لم يستخدم القوة حفاظًا على وحدة الأمة

أهمية الفصاحة في الدعوة          كان الناطق الرسمي مع موسى أمام فرعون


قصة هارون عليه السلام ليست مجرد أحداث تاريخية، بل مدرسة تربوية عظيمة تعلّمنا الصبر

والحكمة والثبات على الحق، حتى عندما يقف الإنسان وحيدًا أمام الفتنة. لقد حمل هارون رسالة

من أعظم الرسالات، وأثبت أن الأنبياء قلوبهم مليئة بالرحمة والمحبة لأقوامهم مهما أساؤوا.



إرسال تعليق

0 تعليقات
إرسال تعليق (0)