سرّ الأقزام السبعة: حكاية الغابة السحرية التي لم تُروَ من قبل

ArabStories
0

 





في عمق غابةٍ تغمرها الأشجار العالية وأصوات الطيور العذبة، كانت هناك مملكة صغيرة تُدعى

 غرينوود، لا يعرفها أحد من البشر، لأنها مخفية بسحرٍ قديم لا يُسمح لأي دخيلٍ أن يراها. في

 هذه الغابة، عاش سبعةُ أقزامٍ يختلف كل واحدٍ منهم عن الآخر في الطباع، لكنّهم كانوا إخوةً

 متحابّين، يتشاركون الكوخ الخشبي الصغير عند ضفاف نهرٍ رقراق.


كانت الغابة تبدو وكأنها تحيا بنفسها، فكل شيء فيها له روح: الرياح تهمس بالأسرار، والزهور

 تفتح بتغريدةٍ خافتة، وحتى الصخور تتوهج أحياناً حين يمرّ القمر فوقها. وكان الأقزام السبعة

 يعرفون أنّ وراء هذا الجمال سحراً عظيماً، وأنّ الغابة ليست مجرّد موطنٍ لهم، بل عالمٌ يخفي

 أسرارًا لم تُكشف بعد.


الأقزام السبعة هم:

غريم الحكيم، دورف النشيط، بيبو المرح، تيمو الحالم، سنو الصامت، جروك الغاضب، ونيمو

 الصغير الطيب.

كانوا يعملون في منجمٍ للأحجار الكريمة داخل الجبل الأسود، حيث تلمع الجواهر كنجومٍ صغيرةٍ

 تحت الأرض.


ذات مساءٍ غامض، وبينما كانوا عائدين من عملهم، لمح نيمو وهجًا غريبًا يسطع بين الأشجار.

 قال بصوتٍ خافت:

"انظروا هناك... ضوءٌ لا يشبه ضوء القمر!"

اقتربوا بحذر، فإذا بهم يرون فتاةً نائمة داخل هالةٍ زرقاء شفافة. كانت تشبه الحوريات، بشعرٍ

 أسود كالليل وبشرةٍ بيضاء كالثّلج. شعروا بالدهشة، فهذه الفتاة لم تكن من الغابة، ولم يروها

 من قبل.


قال غريم، وهو يحدق فيها بقلق:

"هذا سحرٌ قديم... أستطيع أن أشعر به في الهواء. من جلبها إلى هنا؟"


قرروا أن يأخذوها إلى كوخهم خوفًا من أن يؤذيها شيء. وضعوها على السرير الخشبي، وأشعلوا

 النار ليتدفأ المكان. ظلّ تيمو يراقبها طوال الليل، فقد شعر بشيءٍ غريب يجذبه إليها، كأنّ قلبه

 يعرفها من قبل.


في الصباح، فتحت الفتاة عينيها ببطء. كانت عيناها بلون البحر عند الشروق. نظرت حولها

 وقالت بصوتٍ خافت:

"أين أنا؟ ومن أنتم؟"

ابتسم بيبو وقال مازحًا: "في بيت الأقزام السبعة، نحن الأصدقاء الجدد."


ابتسمت الفتاة ابتسامةً باهتة، وقالت:

"اسمي سنو وايت... كنتُ أهرب من الملكة الشريرة التي أرادت قتلي. قالت المرآة السحرية إنني

 الأجمل في البلاد، فغارت وأمرت الصياد بقتلي، لكنني نجوتُ وهربتُ إلى الغابة."


تجمّد الأقزام للحظة. الغابة لم تسمح لأحدٍ بالدخول منذ مئات السنين، فكيف وصلت هي؟

قال غريم وهو يفكر: "الغابة اختارتك، يا سنو وايت. ربما أنتِ جزءٌ من نبوءةٍ قديمة."


منذ ذلك اليوم، أصبحت سنو وايت تعيش بينهم، تنظف الكوخ، وتغني أثناء الطبخ، وتملأ المكان

 بالفرح. أحبها الأقزام السبعة كأختٍ لهم، لكن تيمو كان يشعر بشيءٍ أكثر من الأخوّة... كان

 يحبها في صمت.


مرت الأيام بسلامٍ حتى حلّ يومٌ غائمٌ ثقيل. في ذلك اليوم، اقتربت امرأةٌ عجوز من الكوخ وهي

 تحمل سلة تفاحٍ حمراء لامعة. كانت سنو وايت وحدها، ففتحت الباب بابتسامةٍ بريئة.

قالت العجوز:

"تفاحٌ من أجمل ما جادت به الغابة يا ابنتي... خذي واحدة!"

أخذت سنو وايت تفاحةً وقضمت منها قضمةً صغيرة، فتهاوت على الأرض كزهرةٍ ذابلة.

كان ذلك التفاح مسمومًا، والعجوز لم تكن سوى الملكة الشريرة في هيئةٍ متنكّرة.


حين عاد الأقزام، وجدوا سنو وايت ممددةً بلا حراك. صرخ نيمو باكيًا، وحاول تيمو أن يوقظها بلا

 جدوى.

قال غريم بأسى:

"السحر مظلم... هذه لعنةُ موتٍ أبدي، لا يكسرها إلا قبلةُ حبٍّ صادق."


مرت أيامٌ طويلة، ورفض الأقزام دفنها. صنعوا لها تابوتًا من زجاجٍ صافٍ ووضعوه في وسط

 الغابة، تحت شجرةٍ مزهرة لا تذبل. كل يوم، يأتي الأقزام السبعة ويجلسون قربها، يتحدثون

 إليها وكأنها لا تزال بينهم.


وفي صباحٍ ربيعيّ، دخل الغابة أميرٌ شابٌّ ضلّ طريقه أثناء الصيد. رأى التابوت الزجاجي، فاقترب

 مذهولًا من جمال الفتاة النائمة. شعر بشيءٍ غريبٍ في قلبه، كأنّها تناديه من أعماق روحه.

انحنى وقبّل جبينها قبلةً صادقة.


وفجأة، أضاءت الغابة كلها. تفتحت الأزهار، وغرّدت الطيور، وانكسر السحر. فتحت سنو وايت

 عينيها وسط دهشة الجميع، وعاد اللون إلى وجنتيها.

قال الأمير بدهشة: "لقد ظننتكِ حلمًا!"

أجابت بابتسامةٍ خجولة: "وأنا ظننت أني لن أستيقظ أبدًا..."


فرح الأقزام السبعة فرحًا لا يوصف، واحتفلوا طوال الليل. ثم قرر الأمير أن يأخذ سنو وايت إلى

 قصره، لكنّها رفضت قائلة:

"لن أترك أصدقائي الذين أنقذوا حياتي. الغابة موطني الآن."


فبنى الأمير قصرًا صغيرًا في طرف الغابة، لتبقى قريبة من الأقزام. وعاشت معهم حياةً مليئةً

 بالحبّ والسلام.

لكنّ غريم ظلّ يتأمل السماء كل ليلة ويقول:

"كل حكايةٍ جميلةٍ تبدأ بلعنة وتنتهي بمعجزة. ولكن سرّ الغابة سيبقى إلى الأبد... لأن وراء

 الجمال دوماً سحرًا لا يُرى."


وهكذا بقيت قصة الأقزام السبعة وسنو وايت رمزًا للحبّ، الوفاء، والشجاعة في وجه الشر.

 ومع مرور الزمن، تحولت حكايتهم إلى أسطورةٍ خرافية تُروى في كل أرجاء الممالك.


إرسال تعليق

0 تعليقات
إرسال تعليق (0)