قصة نبي الله لوط عليه السلام

ArabStories
0

 





في زمن قديم، بين سهول وأودية كانت تزخر بالحياة، عاش قومٌ اشتهروا بانحرافهم عن الفطرة

 السليمة وانغماسهم في المعاصي. كان هؤلاء القوم يُعرفون بالفساد في الأرض، وارتكاب

 الفواحش، والاعتداء على الناس وأموالهم، وتجاوزوا كل حدود الأخلاق والقيم الإنسانية.


أرسل الله سبحانه وتعالى فيهم نبيه لوط عليه السلام، ليكون هادياً لهم وداعياً إلى عبادة الله

 وحده وترك الفواحش، فهو نبي كريم، من ذرية نبي الله إبراهيم عليه السلام، الذي تربّى في بيت

 توحيد وإيمان.



دعوة لوط عليه السلام لقومه

بدأ لوط عليه السلام دعوته بقلب مفعم بالحزن على ما يرى من الانحرافات. كان يذكرهم

 بعظمة الله وقدرته، ويحثهم على ترك اللواط والانحرافات، والتمسك بالقيم الإنسانية السوية.

 وأخبرهم أن ما يفعلونه من أفعال محرمة ليس طبيعيًا ولا فطريًا، وأنه يؤدي إلى هلاك الأمم

 كما سبق لأمم قبلهم.


كان قوم لوط عليه السلام يمارسون أفعالاً محرمة ومخلة بالفطرة، ليس فقط اللواط بل أيضًا

 قطع الطريق على المسافرين، الاعتداء على الأموال والأعراض، وإساءة معاملة الآخرين.


رغم تحذيرات لوط عليه السلام، رفض القوم دعوته، بل وهددوه بالطرد من مدينتهم إن لم

 يتوقف عن توجيههم إلى الحق. لكن لوط عليه السلام ثبت على دعوته، وكان دائم الإنذار

 بالعقاب الإلهي، كما ورد في القرآن:


"وقال لوط لقومه ألا تأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين" [الأعراف:80]



ثبات لوط عليه السلام وصبره

لوط عليه السلام لم يكن فقط داعيةً، بل قدوة في الصبر والثبات على الدعوة. فقد صبر على أذى

 قومه وتهديداتهم، وكان يذكرهم بعاقبة الظالمين، ويحثهم على التوبة والإيمان بالله وحده.


في السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ قوله:


"مثل قوم لوط في المعصية كمثل قوم نوح، يظل الناس على ما هم عليه حتى يأتيهم عذاب الله

 فجأة" [رواه البخاري]


وهذا يوضح أن الإصرار على الفساد والانحراف يعرض الإنسان لعذاب الله المفاجئ.


ملائكة الله وبشارة النجاة


حين اقترب أمر الله بالعذاب، أرسل ملائكته على هيئة بشر ليبشروا لوطًا بنجاته هو ومن آمن


 معه، وأخبروه بأن زوجته ستكون من الغابرين لأنها عصت أمر الله وانحرفت مع قومها.


"إلا آل لوط، إنّا لمنجّوهم أجمعين، إلا امرأته قدّرنا أنّها لم من الغابرين" [الحجر:60-61]


وأمر الله لوط عليه السلام بأن يغادر مع المؤمنين في الليل دون أن ينظر أحدٌ خلفه، حتى لا يتأثر

 بفساد قومه أو يعيقهم مشهد الدمار الذي سيحل بهم.



تفاصيل العذاب الإلهي

بدأ العذاب الإلهي بطمس أعين من كفروا:

"ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذري" [الحجر:74]


ثم جاءت الصيحة، وهي العقوبة الكبرى التي قلبت المدينة رأسًا على عقب، وأمطرت عليهم

 حجارة من الطين الصلب (سجّيل)، لتكون العقوبة النهائية لكل من رفض الحق واستمر في

 الفساد:


"فأخذتهم الصيحة مشرِقين، فجعلنا عاليها سافلها، وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل"

 [الحجر:73]


كان هذا العذاب دليلاً على قدرة الله المطلقة وعدله في معاقبة الظالمين.



النجاة والدروس المستفادة

لوط عليه السلام ومن آمن معه نجوا بأمر الله، وابتعدوا عن الفساد والشر. لقد كانت القصة

 درسًا عظيمًا لكل أجيال البشرية:

التمسك بالقيم الإنسانية والأخلاق الفاضلة.

التحذير من الانحراف والفواحش وما يترتب عليها من عواقب وخيمة.

الثبات على الحق والصبر على الدعوة إلى الله.

رحمة الله بالمؤمنين وعقابه للكافرين.

الاعتماد على الله في مواجهة الظلم والانحراف.



إضافات من السنة والأحاديث

ذكر النبي ﷺ أن قوم لوط كانوا إذا جاءهم السائحون يرغمونهم على الفاحشة، فكان الله يرسل

 عليهم العذاب فجأة [رواه مسلم].


ورد أن لوط عليه السلام حذر قومه أكثر من مرة، وأخذ على عاتقه تذكيرهم بعاقبة الأمم السابقة،

 كقوم نوح وقوم عاد، ليثبت لهم أن الفساد يؤدي إلى الهلاك المؤكد.



أهمية القصة في التربية والأخلاق

قصة لوط عليه السلام ليست مجرد سرد تاريخي، بل درس تربوي وأخلاقي. فهي تعلمنا:

أهمية تثبيت القيم الدينية والاجتماعية في المجتمعات.

ضرورة الوعي بعاقبة الانحراف والفساد.

كيف أن الإيمان بالله والثبات على الحق هو السبيل للنجاة من الهلاك.



إرسال تعليق

0 تعليقات
إرسال تعليق (0)