سبيدي وميرتل: قصة حب بين السلاحف في قلب الغابة

ArabStories
0

 




في أعماق غابةٍ خضراء تنبض بالحياة، كانت تعيش سلحفاة صندوقية تُدعى سبيدي. على الرغم

 من اسمه الذي يوحي بالسرعة، إلا أن سبيدي لم يكن سريعًا في أي شيء سوى الغضب. كان

 معروفًا بين الحيوانات بسلوكه العدواني، خاصة في موسم التزاوج، حيث كان يهاجم أي

 سلحفاة تقترب من منطقته. كان يظن أن القوة وحدها هي الطريق للفوز بقلب أنثى، لكن

 النتيجة كانت دائمًا عكسية — الجميع كان يتجنبه، حتى السلاحف الأناث كنّ يخشينه.


مرت المواسم، وبدأ سبيدي يشعر بالوحدة. كان يراقب الأزواج من الحيوانات وهم يتجولون معًا،

 يغنون أو يتبادلون الطعام. بدأ قلبه يشعر بالفراغ، لكنه لم يفهم بعد أن المشكلة لم تكن في

 الآخرين، بل فيه هو.



🐢 حادث غيّر مجرى حياته

ذات صباح، وبينما كان يتجول غاضبًا كعادته، علقت قوقعته بين جذعين متقاربين. حاول أن يخرج

 لكنه فشل، وظل محبوسًا ليومٍ كامل تحت الشمس الحارقة. لم يجد من يساعده، فالكل يخاف

 منه بسبب تصرفاته السابقة. في تلك اللحظة، شعر سبيدي بالندم الحقيقي. بدأ يتحدث إلى

 نفسه قائلاً:

"ربما لو كنت ألطف قليلًا، لكان أحدهم ساعدني الآن."


وبينما كان يهمس لنفسه بندم، ظهرت سلحفاة أنثى جميلة تُدعى ميرتل. كانت من النوع

 اللطيف الذي يحب السلام. اقتربت منه بحذر، وسألته إن كان يحتاج للمساعدة. وبابتسامة

 هادئة، ساعدته على الخروج من مأزقه.


تلك اللحظة كانت نقطة التحوّل. لم يصدق سبيدي أن أحدًا، بعد كل ما فعله، ما زال قادرًا على

 معاملته بلطف.

نظر إليها طويلاً وقال بصوت خافت: "شكرًا لكِ… لم أكن أظن أن أحدًا سيهتم بي."

ابتسمت ميرتل قائلة: "في الغابة، كل مخلوق يستحق فرصة جديدة."



🌿 رحلة التغيير

بعد ذلك اليوم، قرر سبيدي أن يتغير. لم يكن يعرف كيف يبدأ، لكنه شعر أن عليه أن يصبح

 سلحفاة أفضل، ليس فقط ليكسب قلب ميرتل، بل ليصبح محبوبًا من الجميع. بدأ بمساعدة

 الآخرين، فكان يجمع الطعام للسلاحف الصغيرة، ويزيح الحجارة من الطرقات. كانت الحيوانات

 في البداية تشك في نواياه، لكنها سرعان ما أدركت أن تغيّره حقيقي.


وفي كل صباح، كان سبيدي يرى ميرتل تمر بجانبه في طريقها إلى البحيرة. كانت تبتسم له فيرد

 بابتسامة خجولة. وفي داخله، كانت نار الحب تشتعل بهدوء، لكن هذه المرة لم يكن يريد أن

 يفسد الأمور بتصرفاته القديمة.



💌 خطة التودد

قرر سبيدي أن يعبر عن مشاعره بطريقة مختلفة — بلطفٍ وإبداع. بدأ بتزيين الأشجار القريبة من

 جحرها بأوراق ملونة وزهور برية جمعها بنفسه. كتب على ورقة كبيرة بخط محفور بمخالبه:


"إلى أجمل سلحفاة في الغابة... من قلبٍ كان قاسيًا وتعلّم الحب منكِ."


وفي الصباح، حين مرت ميرتل، رأت الزينة والرسالة. ارتسمت على وجهها ابتسامة دافئة. كانت

 تلك أول مرة ترى فيها هذا الجانب من سبيدي. لم تتوقع أن السلحفاة التي كانت تُعرف

 بقسوتها تستطيع التعبير عن مشاعرها بهذه الرقة.


في الأيام التالية، كان يترك لها رسائل صغيرة محفورة على الأحجار، أو ينثر بتلات الزهور في

 طريقها إلى البحيرة. ومع مرور الوقت، بدأت ميرتل تتعلق به شيئًا فشيئًا. كانت تشعر أن وراء

 قوقعته القاسية قلبًا ناعمًا مليئًا بالمشاعر الجميلة.



🌸 حب ينمو في هدوء الغابة

مرت الأسابيع، وبدأت علاقة السلحفاتين تزدهر. أصبحا يقضيان وقتًا طويلًا معًا — يتحدثان،

 يتنقلان ببطء بين الأشجار، ويستمتعان بنسيم الغابة العليل. كانت الحيوانات تراقبهما

 بإعجاب. بعضهم لم يصدق أن هذا هو نفس سبيدي القديم.


كانا يرمزان معًا لشيء جميل: أن الحب الحقيقي لا يُبنى على القوة، بل على اللطف والتفاهم.


أصبح سبيدي أكثر هدوءًا واتزانًا، بينما أضفت ميرتل على حياته دفئًا لم يعرفه من قبل. كان يروي

 لها القصص عن مغامراته، وهي تستمع بابتسامة خجولة. وعندما كانت الأمطار تهطل، كان

 يشاركها المأوى داخل قوقعته، متأكدًا أن لا شيء في العالم يساوي دفء وجودها إلى جانبه.



🕊️ رسالة الغابة

مع مرور الوقت، أصبح حب سبيدي وميرتل حديث الغابة. كانت الطيور تغني عنهما، والأرانب

 تنقل قصتهما إلى الأجيال الصغيرة. تحوّل سبيدي من رمزٍ للغضب إلى رمزٍ للمحبة والتغيير.

 أدرك الجميع أن التغيير ممكن، وأن من يتعلم كيف يكون لطيفًا، يجد دائمًا من يبادله الحب.


وفي أحد الأيام، جمع سبيدي كل شجاعته وسأل ميرتل أن تبقى معه للأبد. أجابته بابتسامة

 هادئة:


"لقد بقيت معك منذ أن أنقذتك من نفسك، وسأبقى ما حييت."


وهكذا عاشا معًا في سعادةٍ وسلام، يزينان الغابة بحبهما ودفئهما. كانت الشمس تشرق على

 قوقعتيهما اللتين تعكسان الضوء كمرآتين صغيرتين، وكأن الطبيعة نفسها تحتفل بحبهما.



💖 نهاية تحمل رسالة

تحكي هذه القصة درسًا خالدًا:

أن اللطف يمكن أن يهزم القسوة، وأن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل.

في عالمٍ مليء بالسرعة والصراع، تذكّر قصة سبيدي وميرتل أن حتى السلاحف — أبطأ

 المخلوقات — يمكنها الوصول إلى الحب أولاً، لأن القلوب الطيبة لا تعرف المسافات.


إرسال تعليق

0 تعليقات
إرسال تعليق (0)