حين وقعتُ في حبّ عينيها قبل أن أعرف اسمها

ArabStories
0

 





قصة حب تبدأ بنظرة تغيّر حياة كاملة

قصص الحب كثيرة، لكن هناك حكايات لا تُكتب… بل تُعاش. وهناك لحظات لا تتكرر، لحظات

 تُفاجئ القلب وتعيد تشكيل العالم بنظرة واحدة.



الفصل الأول: النظرة الأولى

لم أكن أؤمن بشيء اسمه الحب من النظرة الأولى. كنت أعتبره مجرّد وهمٍ يتغذّى على الأفلام

 والروايات. كنت أقنع نفسي دائمًا أنّ الحب الحقيقي لا يُبنى إلّا على المعرفة والوقت. في ذلك

 اليوم، توجّهت إلى المكتبة القريبة من عملي للبحث عن كتاب في تطوير الذات. كنت أحتاج شيئًا

 يبعدني عن ضجيج العمل وروتين الحياة الذي أصبح يخنقني.


وبينما كنت أبحث بين الرفوف، حدث شيء لم أتوقعه.


سمعت صوت خطوات خفيفة، كأنها لا تريد إزعاج أحد، وحين رفعت رأسي… رأيتها.


عيناها كانتا أوّل ما شدّني. لا أعرف كيف أصفهما… كانت تحملان لونًا بين العسلي والأخضر، لونًا

 لا ينتمي لفصل ولا لمكان. نظرتُ إليها دون أن أدرك أنّني توقفت عن التنفس لثوانٍ. كان هناك

 هدوء غريب حولها، وكأن المكان أضاء فجأة بمجرد ظهورها.


ابتسمتْ وهي تبحث عن كتاب في الرف المقابل، فسقطت خصلة من شعرها الحريري على

 خدّها. تلك اللحظة لم تكن عابرة… بل كانت البداية.


قلت في نفسي: "هذا مستحيل… لا يمكن لنظرة أن تهزّني إلى هذا الحد".


لكن قلبي كان له رأي آخر.



الفصل الثاني: بداية الكلام

اقتربتُ منها بتردد، وتظاهرت بأنني أبحث عن كتابٍ في نفس الرفّ فقط لأكون قريبًا منها.


قلتُ بصوتٍ حاولتُ جاهدًا ألّا يكون مرتجفًا:

— هل تبحثين عن نوع معيّن من الكتب؟


رفعت رأسها إليّ، وبدت المفاجأة في عينيها، ثم أجابت بنبرة هادئة رقيقة:

— نعم… أبحث عن رواية اسمها: "ما لا نبوح به".


وكأن القدر يبتسم لي، فقد كنت أمسك الرواية نفسها بين يدي.


مددتها إليها وقلت:

— تقصدين هذه؟


اتسعت عيناها بدهشة، ولم أعرف هل كانت الصدفة تعمل لصالحنا أم أنّ القدر كان يسير

 بخطة دقيقة.


أخذت الرواية وقالت بابتسامة:

— شكرًا لك… لم أتوقع أن أجدها بهذه السرعة.


ثم أضافت:

— يبدو أنك تقرأ كثيرًا؟


ضحكت بخفوت:

— ليس كثيرًا… فقط أهرب بين الصفحات من صخب العالم.


نظرت إليّ بنظرة لم أفهمها، وقالت:

— وهذه أجمل الأسباب للقراءة.


ثم مشت مبتعدة نحو طاولة الجلوس. جلست تقرأ، أما أنا فبقيتُ واقفًا كالأحمق، أتظاهر

 بتصفّح كتابٍ بلا عنوان، بينما عيناي تلاحقانها من بعيد.


كنتُ واقعًا في الحب… قبل أن أعرف اسمها حتى.



الفصل الثالث: اسمها

بعد عشر دقائق من التردد والتفكير، جمعتُ شجاعتي وجلست على الطاولة المقابلة لها، وقلت:


— هل تسمحين أن أجلس هنا؟ المكان هادئ.


رفعت رأسها من الكتاب وقالت ببساطة:

— بالطبع.


مرت لحظة صمت، ثم سألتها:

— بالمناسبة… لم أعرف اسمك؟


أغلقت الرواية ببطء، وابتسمت:

— اسمي ليان.


اسمها كان خفيفًا مثلها، جميلًا كالعطر الذي تركته في الهواء حين جلست.


قلت:

— اسم جميل… يشبهكِ.


ضحكت بخجل خفيف، وفي تلك اللحظة أدركت أنني تعلقت بها بشكل لا يمكن إنكاره.


ثم سألتني:

— وأنت؟ ما اسمك؟


— آدم.


— آدم… اسم قوي.


واستمر الحديث بيننا دون شعور. تحدثنا عن الكتب، وعن الحياة، وعن الأحلام المؤجلة. كانت

 ذكية، عميقة، مختلفة. كانت فتاة تشبه فصلًا نادرًا من رواية لا تريد أن تنتهي.


شعرت بشيء غريب… كنت أشعر براحة لم أشعر بها من قبل.



الفصل الرابع: لقاء بعد لقاء

منذ ذلك اليوم، أصبحت المكتبة موعدنا غير المكتوب. لم نتفق على ساعة محدّدة، لكننا كنا نجد

 بعضنا دائمًا. أحيانًا تصل قَبلِي، وأحيانًا أصل أنا أولًا، لكن النتيجة واحدة: نلتقي.


كانت علاقتنا عفوية… خالية من التكلّف.


كنت أحسّ أنّني أعرفها منذ سنوات، رغم أنّنا لم نتجاوز أسابيع قليلة من اللقاءات.


كنا نقرأ، ثم نتحدث، ثم نضحك، وكأن الزمن يتوقف في المكتبة. ومع كل لقاء كانت تتأكد لي

 حقيقة واحدة:


أنا أحببتها حين رأيتها… قبل أن أعرف حتى اسمها.



الفصل الخامس: اعتراف غير مكتمل

في إحدى الأمسيات، جمعت شجاعتي لأعترف لها بما أشعر. قلبي كان يخفق بجنون، وكلماتي

 تتلعثم في داخلي قبل أن تصل إلى لساني.


قلت لها:

— ليان… هناك شيء أريد أن أقوله.


رفعت رأسها وقالت باهتمام:

— نعم؟


تنفستُ بعمق وأردفت:

— منذ اللحظة الأولى التي رأيتكِ فيها… شعرتُ بأن حياتي تغيّرت.


لكن قبل أن أكمل، رنّ هاتفها فجأة.


نظرت إلى الشاشة، فشحب وجهها للحظة، ثم قالت:

— آسفة آدم… عليّ الذهاب فورًا.


جمعت كتبها بسرعة وغادرت دون أن تشرح شيئًا.


وبقيتُ وحدي… مع اعترافٍ لم يكتمل.



الفصل السادس: غياب

مرّ أسبوع كامل دون أن تأتي إلى المكتبة.

الأيام كانت ثقيلة، والانتظار كان مؤلمًا.


بدأت أفكر:

ـ هل أخفتها كلماتي؟

ـ هل ارتكبت خطأً؟

ـ هل كان هناك شخص آخر في حياتها؟


كل الاحتمالات مرّت، لكن شيئًا واحدًا لم يتغير: اشتقت إليها.


وفي اليوم الثامن، وجدتها جالسة في مكانها المعتاد، لكن هذه المرة كانت مختلفة. وجهها كان

 مرهقًا، وعيناها حزينة.


جلست أمامها وقالت بصوت منخفض:

— آسفة لأني اختفيت… والدي كان في المستشفى، ولم يكن الوضع جيدًا.


نظرت إليها بقلق:

— كان يجب أن تخبريني… كنت سأكون بجانبك.


ابتسمت بمرارة:

— لم أرد أن أثقل عليك.


أمسكت يدها لأول مرة، وقلت بصوتٍ صادق:

— أنتِ لا تثقلين عليّ… أنتِ تسكنينني.


ارتجفت يدها، ودمعت عيناها للحظة.

تلك اللحظة كانت الاعتراف الذي لم يُقال بالكلمات، بل بالشعور.



الفصل السابع: وعد

مرت الأيام، وبدأ والدها يتعافى. أمّا نحن… فقد أصبحنا أقرب.

أحيانًا، كانت تخاف من الحب، وأنا كنت أخاف من فقدانها.


وفي أحد الأيام قالت:

— آدم، هل تعتقد أن الحبّ من النظرة الأولى حقيقي؟


نظرت مباشرة في عينيها وأجبت:

— إذا لم يكن حقيقيًا، لما كنتِ هنا الآن.


ثم أضفت:

— وقعت في حبّ عينيكِ قبل أن أعرف اسمكِ… ومنذ ذلك اليوم وأنا أقع في حبك كل يوم من

 جديد.


ابتسمت ليان، ثم قالت:

— إذن… وعد؟


— وعد.


وأمسكتُ يدها بقوة هذه المرة.



الفصل الأخير: النهاية التي لم تنتهِ

اليوم، ونحن نجلس في نفس المكتبة، لم يعد هناك خوف. صرنا نكتب روايتنا الخاصة، لا على

 الورق، بل في الحياة.


ربما لا يفهم الجميع معنى أن تقع في الحب عبر نظرة…

لكنني فهمت: العين تعرف قبل القلب، والقلب يصدق قبل العقل.


هذه ليست مجرد قصة حب رومانسية، بل قصة واقعية تؤكد أن الحب ليس بحاجة لسنوات…

أحيانًا، يكفي أن تنظر في عيني الشخص الصحيح.



إرسال تعليق

0 تعليقات
إرسال تعليق (0)