الشيطان وتوم ووكر: الصفقة التي غيرت مصير رجلٍ طمّاع

ArabStories
0





🩸 قصة الشيطان وتوم ووكر

في إحدى القرى النائية وسط الغابات الكثيفة في أمريكا القرن الثامن عشر، كان يعيش رجل

 يدعى توم ووكر مع زوجته القاسية في كوخٍ قديم متهالك. كان توم معروفًا ببخله وطمعه

 الشديد، لا يحب الخير لأحد، ولا يبتسم إلا حين يرى المال يتكدّس بين يديه. أما زوجته، فكانت

 أكثر منه قسوةً وجشعًا، وكانت الحياة بينهما مليئة بالمشاحنات والصراخ، حتى أن الجيران كانوا

 يسمعون صوتهما كل ليلة.


كانت الغابة القريبة من بيتهما مشهورة بالقصص المرعبة التي يتداولها الناس — قصص عن

 أرواحٍ هائمة، وكنوزٍ مدفونة، وشيطانٍ يُقال إنه يحرس الذهب الملعون الذي تركه القراصنة قبل

 قرون. لكن توم، بطبعه المغامر والطماع، لم يكن يؤمن إلا بما يمكن أن يملأ جيبه.



🔥 اللقاء الملعون

في مساءٍ غائم، خرج توم كعادته يبحث عن طرقٍ مختصرة عبر الغابة، وبينما كان يسير وسط

 الأشجار المظلمة التي تخنقها الضباب، تعثر بجذع شجرة قديمة سوداء الجذور. وبينما كان يهم

 بالجلوس ليرتاح، رأى شيئًا يلمع في التراب — كان ذلك فأسًا صدئة مغروسة في الأرض.


مدّ يده ليخرجها، لكن صوتًا غريبًا اخترق السكون:

“اتركها... إنها ليست لك يا توم ووكر.”


تجمّد الرجل في مكانه، وصعد الدم إلى وجهه من الخوف. نظر حوله، فلم يرَ أحدًا، لكن فجأة خرج

 من خلف الشجرة رجل طويل، أسود البشرة، عيناه تقدحان بشرر، وشعره متشابك كأغصان

 الغابة. كان يرتدي معطفًا أحمر، وفي عنقه سلسلة من جماجم صغيرة.


قال الرجل الغريب بابتسامة باردة:

“أنا صاحب هذه الغابة... وكل ما فيها لي. حتى الذهب المدفون تحتها.”


أحس توم أن أنفاسه تتسارع، لكنه لم يتراجع، وسأل:

“ومن تكون أنت؟”


ردّ الآخر وهو يضحك ضحكة أجّجت الرعب في صدره:

“اسمي كثيرون يخافون نطقه... البعض يسميني الشيطان.”



💀 صفقة الجحيم

لم يهرب توم كما قد يفعل أي رجل عاقل، بل لمع الطمع في عينيه، وسأل الشيطان:

“هل قلت ذهب؟ هل هو حقيقي؟”


أجابه الشيطان وهو يرسم دائرة صغيرة في التراب:

“نعم، ذهب قراصنة قدامى. لكنه ليس مجانيًا. من يريده يجب أن يبيع شيئًا بالمقابل.”


سأله توم:

“وماذا تريد بالمقابل؟”


اقترب الشيطان حتى أحس توم بحرارة أنفاسه وقال:

“روحك.”


ضحك توم بصوتٍ عالٍ، ظنًا منه أن الأمر مجرد مزاح. لكنه حين نظر في عيني الشيطان، شعر أن

 الضحك جفّ في حلقه. ثم قال:

“دعني أفكر بالأمر.”


تركه الشيطان قائلاً:

“فكّر جيدًا يا توم ووكر. لكن تذكّر... لا أحد يربح من صفقات الجحيم دون أن يدفع الثمن.”



💰 الطمع يزداد

عاد توم إلى بيته وهو يحمل في رأسه فكرة واحدة: “الذهب”. لكنه لم يخبر زوجته، فهي بدورها

 كانت أكثر طمعًا منه. ومع ذلك، لاحظت أن زوجها عاد مضطربًا تلك الليلة، فألحت عليه أن

 يخبرها بما جرى.


بعد ترددٍ طويل، باح لها بقصة الشيطان والكنز، فغضبت وقالت له:

“أحمق! كيف تترك مثل هذه الفرصة تضيع؟ سأذهب بنفسي لأجده!”


غادرت في اليوم التالي إلى الغابة، ولم تعد أبدًا. مرت أيام ثم أسابيع، حتى وجد توم في الغابة بقايا

 ثوبها ومنديلها الملطخ بالدماء، وبجانبه قلب صغير ملفوف في قطعة قماش سوداء. فهم

 حينها أن الشيطان أخذ روحهما كما وعد.



🪓 العودة إلى الصفقة

بعد اختفاء زوجته، شعر توم بنوعٍ غريب من الارتياح، لكنه لم ينسَ الكنز. عاد إلى الغابة في ليلةٍ

 مظلمة، وصرخ في الفراغ:

“أيها الشيطان! أنا مستعدّ للاتفاق!”


ظهر الرجل الأحمر من جديد، وقال بابتسامة منتصرة:

“كنت أعلم أنك ستعود يا توم.”


تمت الصفقة... باع توم روحه مقابل الكنز، على أن يستخدمه في الأعمال الربوية ويجمع الثروة

 بالاحتيال. ومنذ تلك الليلة، تغيّر كل شيء في حياته.



🏦 الغنى الملعون

افتتح توم مكتبًا في المدينة، وأصبح مرابيًا يفرض على الناس فوائد قاسية. كان الجميع

 يكرهونه، لكنه لم يهتم. اشترى قصورًا وخيولًا، وملأ خزانته بالذهب. ومع كل صفقة، كان يسمع

 صوتًا خافتًا يهمس له:


“لا تنسَ موعدنا يا توم...”


السنوات مضت، والثروة كبرت، لكن الخوف بدأ يتسلل إلى قلبه. صار يزور الكنيسة يوميًا ويحمل

 كتابًا مقدسًا في جيبه، ظنًا منه أنه سيحميه. لكن قلبه بقي أسود، لم يتب حقًا، بل كان يخاف من

 النهاية فقط.



⚡ النهاية الجحيمية

في أحد الأيام، جاءه مزارع فقير يطلب تأجيل دينه، فصرخ فيه توم وقال:

“اللعنة على روحي إن سامحتك!”


وما إن نطقها، حتى سمع دويّ رعدٍ قوي، ودخل رجل أسود على حصانٍ ضخم مغطى بالنار. لم

 يملك توم وقتًا ليهرب، فقد أمسكه الشيطان من ذراعه وقال:

“لقد حان وقت السداد!”


صرخ توم بكل قوته، لكن صرخته ذابت في صدى العاصفة. وفي لحظة، اختفى هو وحصان النار

 في دوامة من الدخان واللهيب. عندما وصل الناس بعد قليل، وجدوا مكتبه محترقًا بالكامل، ولم

 يبقَ منه سوى كتابٍ مفتوح على صفحة تقول:


“من يزرع الشر، لا يحصد إلا جحيمه.”


ومنذ ذلك اليوم، يقال إن روح توم ووكر لا تزال تائهة في الغابة، تبحث عن الذهب الذي قاده إلى

 نهايته.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات
إرسال تعليق (0)