في غرفة مليئة بالدمى القديمة والملابس القماشية الملونة، كانت راجيدي آن تجلس على رفها
المفضل، مبتسمة بابتسامتها الشهيرة وقلبها المصنوع من الحلوى الذي يلمع كرمز للطيبة
التي تحمله. كانت كل دمية في الغرفة تحبها وتحترمها بسبب روحها المرحة ولطفها الدائم.
كانت الغرفة مليئة بالذكريات: دمى صغيرة من الصوف والقطن، عرائس خشبية قديمة، وكل
زاوية تحمل حكاية من الماضي. كان كل دمية في الغرفة لها مكانها الخاص، لكن الجميع يعرف
أن راجيدي آن كانت القلب النابض لهذه العائلة الصغيرة.
ذات يوم، دخلت الدمى الجديدة إلى الغرفة، وقد جلبتهم مالكتهم مارسيلا كهدايا مميزة بمناسبة
عيد ميلادها. كانت الدمى الجديدة تُدعى أنابيل لي وتوماس، وكانت ملامحهما الجميلة والحديثة
تجعل كل من يراهما ينبهر بجمالهما. لكن جمالهما الخارجي لم يكن مصحوبًا بالودّ واللطف؛
فقد بدأت أنابيل لي وتوماس بالسخرية من راجيدي آن وبقية الدمى الأكبر سنًا.
قالت أنابيل لي بصوت متهكم:
– انظروا إلى هذه الدمية القديمة! هل ما زالت هذه الأشياء البالية تُستخدم؟
ضحك توماس معها، وهو يشير إلى قلب راجيدي آن المصنوع من الحلوى ويقول:
– حقًا، من يحتاج إلى قلب حلوى قديم عندما يمكننا الحصول على دمى مثلنا، جديدة وجميلة؟
شعرت راجيدي آن بالحزن، لكنها لم تُظهر الغضب أو الاستياء. عوضًا عن ذلك، ابتسمت وقررت
أن تُعلّمهم درسًا بالقلب قبل الكلام.
مرت الأيام، واستمر السخرية من أنابيل لي وتوماس، لكن راجيدي آن بقيت ودية ومساعدة
للجميع. في كل صباح، كانت تبارك يومهم بابتسامة دافئة، تساعد الدمى الصغيرة على ترتيب
ملابسهم القماشية، وتشجعهم على اللعب معًا بروح صداقة.
وفي إحدى الليالي، بعد يوم طويل من اللعب، شعرت الدمى الجديدة بالبرد والتعب. كان الهواء
في الغرفة باردًا قليلًا، وقد لاحظت راجيدي آن أن أنابيل لي وتوماس يشعران بالبرد على الرغم
من سريرهما الجديد والجميل. بدون تردد، تخلت عن سريرها المريح لهم، وجعلتهم ينامون به
بينما بقيت هي على الأرض الباردة.
في الصباح، استفاقت أنابيل لي أولًا، ووجدت نفسها دافئة ومريحة. التفتت إلى راجيدي آن
ووجدتها مستلقية على الأرض، مبتسمة رغم البرد. شعرت أنابيل لي بالحرج والخجل، وبدأت
تدرك أن تصرفاتها السابقة كان خاطئًا.
اقتربت أنابيل لي من راجيدي آن وقالت بصوت خافت:
– نحن آسفون… لقد كنا مخطئين في الحكم عليك وعلى باقي الدمى.
ابتسمت راجيدي آن وقالت:
– لا بأس، كلنا نتعلم من بعضنا البعض. الأهم أن نتذكر أن اللطف والاحترام يجعلنا أفضل.
بعد هذا اليوم، بدأت أنابيل لي وتوماس في التعلم من راجيدي آن. لم يعد اهتمامهما بالمظهر
الخارجي هو ما يحدد سلوكهما، بل أصبح القلب والنية الطيبة هما المعيار. بدأوا في مساعدة
الدمى الصغيرة، ترتيب الرفوف، ومشاركة الألعاب مع الآخرين.
في أحد الأيام، قررت راجيدي آن تنظيم "حفل الشاي" لجميع الدمى في الغرفة. جهّزت طاولة
صغيرة، وضعت أكواب شاي بلاستيكية وقطع حلوى صغيرة، ودعت الجميع للمشاركة. كانت
فرصة رائعة لتقوية الصداقات وتعلم التعاون.
خلال الحفل، تحدثت راجيدي آن بحكمة:
– الجمال الحقيقي لا يأتي من الشكل أو الملابس، بل من القلب والنية الطيبة. من يساعد
الآخرين، ويحبهم، ويعاملهم باحترام، يكون أجمل دمية في الغرفة.
ابتسمت أنابيل لي وقالت:
– لم أكن أعلم أن الدمى القديمة يمكن أن تكون بهذا اللطف الكبير. لقد تعلمت منك درسًا لا
يُنسى.
ضحك توماس وقال:
– نعم، حتى أنا شعرت بالخجل من سخريتنا السابقة. شكرًا لك يا راجيدي آن.
منذ ذلك اليوم، أصبح الجميع في الغرفة صديقًا حقيقيًا، وتعلموا قيمة اللطف والاحترام. كانت
كل دمية تحرص على مساعدة الأخرى، وتشجع على التعاون والقبول. أصبحت الغرفة مكانًا
مليئًا بالحب والسعادة، وأدركت الدمى الجديدة أن المظاهر ليست كل شيء، وأن الجمال
الحقيقي ينبع من القلب.
وفي كل مرة كانت الدمى الجديدة تشاهد راجيدي آن تساعد دمية أخرى أو تضحك معها، كانت
تتذكر الدرس الكبير: الجمال الحقيقي ينبع من اللطف والمحبة والنية الطيبة.
هكذا انتهت قصة الدمى في غرفة مارسيلا، ليس فقط بابتسامات جميلة على وجوههم، بل
بقيم مهمة ستظل ترافقهم طوال حياتهم في الغرفة، وفي قلوب كل من يقرأ هذه القصة.
القيم التي حملتها راجيدي آن أصبحت درسًا لكل من يقرأ القصة: التسامح، اللطف، الاحترام،
وقبول الآخرين كما هم، وليس كما نريدهم أن يكونوا.


